نماذج من أخلاق النبي الأعظم ص
قال أبا الزهراء (صلى الله عليه وآله وسلم): إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق.
وقد ورد في ذلك رواية عن المعصوم سلام الله عليه يصف فيها أخلاق الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله بقوله:
«كان صلَّى الله عليه وآله خُلُقه القرآن»
كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) متواصل الأحزان، دائم الفكرة، ليست له راحة، ولا فحاش، ولا عياب ولا مداح، دائم البشر، سهل الخلق، لين الجانب، ليس بفظ ولا غليظ، ولا يتكلم في غير حاجة، طويل السكوت، جل ضحكه التبسم، ويتفقد أصحابه، ومن سأله حاجة لم يرده إلا بها أو بميسور من القول، كان لا يذم أحدا ولا يعيره، ولا يطلب عورته، ولا يتكلم إلا فيما يرجو ثوابه، يعود المريض، ويتبع الجنازة، ويجيب دعوة المملوك، ويركب الحمار، يجلس على الأرض ويأكل على الأرض، أشد حياءا من العذراء في خدرها، أشجع الناس وأحسن الناس، وأجود الناس لا يجلس ولا يقوم إلا على ذكر الله جل اسمه.
إذا فقد الرجل من إخوانه ثلاثة أيام سأل عنه فإن كان غائبا دعا له، وإن شاهدا زاره، وإن كان مريضا عاده. وما أكل متكئا قط حتى فارق الدنيا، وكان أخف الناس صلاة في تمام، يعرف بالريح الطيب إذا أقبل، لا يكلم أحدا بشئ يكرهه، إذا دخل منزلا قعد في أدنى المجلس حين يدخل، ولا يقطع على أحد حديثه ،يأكل كل الأصناف من الطعام إذا وضع يده في الطعام قال: بسم الله اللهم بارك لنا فيما رزقتنا وعليك خلفه. يخيط ثوبه، ويخصف نعله كان ( صلى اللـه عليه وآله ) يقسم فترة نومه الى ثلاثة اقسام ؛ بان يضطجع قليلا بعد صلاة العشاء ، ثم ينهض ليصلي بضع ركعات ، ثم ينام قليلا ، لينهض بعد ذلك في جوف الليل وينشغل بالصلاة حتى طلوع الفجر .
وكان أشجع الناس، حتى قال الإمام علي ( عليه السلام ) لقد رأيتنا يوم بدر ونحن نلوذ بالنبيّ (ص) وهو أقربنا إلى العدو. وكان من أشدّ الناس يومئذ بأساً . وكان يصوم حتى يقال : إنه لايفطر . ويفطر حتى يقال إنه لايصوم . وكان نظيف الجسم طاهر الثياب ، وكان يُنكر كلَّ منكر ، ويأمر بالمعروف . وكان لايجلس إليه أحد وهو يصلِّي إلاّ خفَّف صلاته والتفت إليه قائلا : ألك حاجة ؟. فإذا تمت حاجته قام إلى صلاته . وكان له عبيد وإماء ، ولكن لم يكن يترفع عليهم أبداً .وكان يغضب لله ولا يغضب لنفسه؛ ويُجري حكم الله وإن تضرَّر هو أو أحد من أصحابه به.
قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: أنا أديب الله وعلي أديبي أمرني ربي بالسخاء والبر ونهاني عن البخل والجفاء وما شئ أبغض إلى الله عزوجل من البخل وسوء الخلق وإنه ليفسد العمل كما يفسد الخل العسل.
عن سلمان المحمدي رض قال: دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو متكئ على وسادة فألقاها إلي، ثم قال: يا سلمان ما من مسلم دخل على أخيه المسلم فيلقي له الوسادة إكراما له إلا غفر الله له.
ولقد نقل التاريخ قصصاً كثيرة، تروي لنا عظمة رسول الله صلى الله عليه وآله ولين عريكته، منها على سبيل المثال:
قصة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مع أبي سفيان ، أبو سفيان الذي كان في حالة حرب مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لمدة عشرين سنة، وبواسطة أبي سفيان وأتباعه استشهدت بنت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) واستشهد عمه الحمزة (رضوان الله تعالى عليه)، أيضاً كان له الدور الأساسي في تربية مخالفين النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، مثلاً أحد أسباب عداء أبي لهب ـ عم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ للنبي كان بتأثير زوجته أم جميل بنت صخر، وكانت تؤذي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كثيراً جداً إلى درجة أنها تملأ عباءتها من الأشواك الحادة والعاقول المدبب وتلقيه في طريق النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مساءً عندما يذهب إلى المسجد الحرام وكم دخلت من هذه الأشواك والعاقول في قدمي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) المباركتين، وأُدميا بسبب فعل أم جميل هذه، حيث يذكرها الله تعالى في القرآن بالسوء في سورة المسد فيقول: (وامرأته حمالة الحطب في جيدها حبل من مسد).
وعندما دخل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مكة فاتحاً خاطب أبا سفيان بكلام جميل ولين حيث قال: (أما آنَ أن تشهد أن لا إله إلاّ الله) فقال أبو سفيان: ما أحلمك يا محمد؟
ثم سأل أبو سفيان: (ما أصنع بلات ومنى؟).
وكان عمر حاضراً فثارت عصبيته وأراد أن يبطش به وقال ائذن لي يا رسول الله في قطع رأسه.
فقال أبو سفيان لعمر: كم أنت سيئ الكلام؟ وما الذي جعلك تلقي البغضاء بيني وبين ابن عمي ـ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ ؟
فأعاد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على أبي سفيان: (أما آن أن تشهد أن لا إله إلا الله؟).
وأخيراً تحت ضغط العباس وأصحاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أسلم أبو سفيان ظاهرياً، وقبل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هذا الإسلام الظاهري من أبي سفيان أيضاً ولم يقابله بأي شيء سوى الرفق والإحسان إليه.
• ما جرى بينه صلى الله عليه وآله وبين زوجته عائشة بنت أبي بكر، فرغم أنها تصغره بسنين كثيرة، وهو رسول الله الذي لا ينطق عن الهوى، وهو الذي وصفه الله تعالى من فوق عرشه العظيم بأنه «على خلق عظيم»، تروي عائشة عن نفسها أنه: حدث نوع من الخلاف بينها وبين رسول الله صلى الله عليه وآله فحاكمته الى أبيها، وحينما اجتمعوا بادرته بالقول: «أقصد يا رسول الله» أي أعدل.
ولكن رسول الله صلى الله عليه وآله لم يردّ على إساءتها تلك ولو بأبسط ردّ، وتحمّل منها ما تحمّل.
«أصيب رسول الله صلى الله عليه وآله عند الوفاة بحمى شديدة حتى أن من كان يلمس ثوب رسول الله صلى الله عليه وآله كان يحس بحرارة الحمى لشدّتها، فكان لا يستطيع مزاولة أعماله، وكانت عنده دراهم ودنانير قليلة أوصى بأن يُتصدق بها على الفقراء، ثم غفا إغفاءة، انتبه بعدها وسأل القوم: هل أعطيتم الدراهم؟ قالوا: لا. فظهر الغضب على وجهه وقال: آتوا بها، فتصدق بها ولم يؤخرها وقال: لا أحبّ أن ألقى الله وهذه الصدقة عندي»
كما ورد أيضاً أنّ قوماً من هوازن جاءوا لحرب النبي صلى الله عليه وآله وصمّموا على إبادة المسلمين، وكان جمعهم كبيراً، ولكنّهم خسروا الحرب وهرب رجالهم وخلّفوا نساءهم وراءهم، وأُسِر منهم حوالي ستّة آلاف شخص، فما كان من النبي الكريم إلا أن أطلق سراحهم جميعاً دون أن يتقاضى عن ذلك درهماً واحداً أو يشترط شرطاً، الأمر الذي دفع بكثير من اليهود والنصارى والمجوس إلى اعتناق الإسلام، وهذا نموذج من فضائل النبي صلى الله عليه وآله.
ذُكر أنّ أحد المشركين، وكان يدعى غورث بن حارث ـ واسمه كان شائعاً في أيّام الجاهلية، ويعني جائع ـ رأى النبي المصطفى صلى الله عليه وآله مستلقياً في ظلّ شجرة، فوصل عنده حتى وقف فوق رأسه وشهر سيفه وقال له: من ينقذك منّي يا محمد؟
فأجابه النبي من فوره: «الله» وقفز من مكانه، حتى انزلقت قدم غورث وسقط السيف من يديه، فسارع النبي إلى السيف ورفعه بوجه غورث وقال له: «الآن من ينقذك منّي؟» فأبدى ندمه على ما صدر منه سلفاً وقال للنبيّ: إحسانك يا محمّد!
فتنحّى النبي جانباً وعفا عنه، فأسلم غورث على يديه الكريمتين، ثمّ عاد إلى قومه وقال لهم: لقد عُدت من عند أفضل خلق الله.