للهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ( سورة الشورى- 23 )
أ- في كنف الآية:
تبيّن لنا الآية أن النبي (صلى الله عليه وآله) لا يريد أجرا ولا جزاء على ابلاغ الرسالة إلا مودة أهل بيته (عليهم السلام) ، ومودتهم ترتبط بقضية الولاية وقبول قيادتهم (عليهم السلام) حيث تعتبر في الحقيقة استمرارا لقيادة النبي (صلى الله عليه وآله) واستمرارا للولاية الإلهية، ومن الواضح أن قبول هذه الولاية والقيادة كقبول نبوة النبي (صلى الله عليه وآله) ستكون سببا لسعادة البشرية نفسها وستعود نتائجها إليها وهي التي تعبّد الطريق للوصول إلى الخالق، وكون المودة المطلوبة بمستوى الرسالة بعد النبي (صلى الله عليه وآله) بواسطة الأئمة (عليهم السلام) الذي هم جميعا قرابته ومن عائلته، ولأن المودة أساس هذا الارتباط أشارت لها الآية بصراحة.
والذي نبحثه في هذا الدرس كيف نتمسك بخط أهل البيت عليهم السلام ونتبعهم اتباعا حقيقيا صادقا، ونكتب من الدعاة لهم والسائرين على نهجهم والمسلّمين لأمرهم. هذا ما نجيب عنه عبر تعداد الوظائف والواجبات التي توصلنا إلى المقصود. مع معرفتنا لما ورد في الحديث :
" رضا الله رضانا أهل البيت ."
ب- هكذا أتبعهم:
أولا- معرفة الأئمة عليهم السلام: أعرفهم لا بأسمائهم وأنسابهم فقط وزمان الولادة ومكان الشهادة، بل بمعرفة مقاماتهم ومراتبهم التي رتبهم الله فيها وسيرتهم لنقتدي بهم يقول الصادق عليه السلام:
" وأدنى معرفة الإمام أنه عدل النبي صلى الله عليه وآله ( إلا درجة النبوة) ووارثه وإن طاعته طاعة الله وطاعة رسول الله صلى الله عليه وآله والتسليم له في كل أمر والرد إليه والأخذ بقوله."
( كفاية الأثر- ص263 )
وأما مع عدم معرفتهم كذلك، ينتفي الإيمان في الحديث:
" لا يكون العبد مؤمنا حتى يعرف الله ورسوله والأئمة كلهم وإمام زمانه ويردّ إليه ويسلّم له ."
(الكافي- ج1 – ص180 )
ثانيا- الثبات على الولاية: ورد عن الباقر عليه السلام:
" يأتي على الناس زمان يغيب عنهم إمامهم، طوبى للثابتين على أمرنا في ذلك الزمان، إن أدنى ما يكون لهم من الثواب أن ينادي بهم الباري جل جلاله فيقول: عبيدي وإمائي آمنتم بسري وصدّقتم بغيبي فأبشروا بحسن الثواب مني، أي عبيدي وإمائي حقا منكم أتقبل وعنكم أعفو ولكم أغفر وبكم أسقي عبادي الغيث وأدفع عنهم البلاء لولاكم لأنزلت عليهم عذابي."
(البحار – ج52 – ص145 )
ثالثا- الالتزام بالأحكام الشرعية: فيما جاء عن الصادق عليه السلام:
" شيعتنا أهل الورع والاجتهاد وأهل الوفاء والأمانة وأهل الزهد والعبادة، أصحاب إحدى وخمسين ركعة في اليوم والليلة، القائمون بالليل، الصائمون بالنهار، يزكون أموالهم ويحجون البيت ويجتنبون كل محرم ."
( صفات الشيعة – ص13 )
رابعا- البراءة من أعدائهم: ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله:
" يا علي والذي بعثني بالنبوة واصطفاني على جميع البرية، لو أن عبدا عبد الله ألف عام ما قبل ذلك منه إلا بولايتك وولاية الأئمة من ولدك وإن ولايتك لا تقبل إلا بالبراءة من أعدائك وأعداء الأئمة من ولدك بذلك أخبرني جبرئيل فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ."
(البحار – ج27 – ص62 )
خامسا- ذكر فضائلهم: وهو من الأمور التي ينبغي أن لا يتوانى الواحد منّا عن القيام بها في أي مجتمع كان سواء بين أقاربه وجيرانه أو في الجامعة أو المدرسة أو في مكان العمل أو في السيارة، وذكر فضلهم مما يبعد الشيطان عن الإنسان يقول مولانا الكاظم عليه السلام:
"وإن المؤمنين يلتقيان فيذكران الله ثم يذكران فضلنا أهل البيت فلا على وجه إبليس مضغة لحم إلا تخدّد حتى أن روحه تستغيث من شدة ما يجد من الألم."
( البحار – ج63 – ص258 )
إن طلب العلم من الأمور اللازمة على أتباع أهل البيت عليهم السلام في كل زمان ومكان والتعلم أمر لا بد منه في موالاتهم والسير في ركبهم فقد ورد عنهم عليهم السلام:
"يغدو الناس على ثلاثة أصناف عالم ومتعلم وغثاء فنحن العلماء وشيعتنا المتعلمون وسائر الناس غثاء."
( الكافي – ج1 – ص34 )
والعمل بدون علم سبب الإفساد والضياع فعن الصادق عليه السلام:
"من عمل على غير علم كان ما يفسد أكثر مما يصلح."
(الكافي – ج1 – ص44 )
وهم صلوات الله عليهم معادن العلم وأصول الحكم يقول الباقر عليه السلام:
"شرقا وغربا لن تجد علما صحيحا إلا شيئا يخرج من عندنا أهل البيت."
( البحار – ج2 – ص92 )
سابعا- قبول أحاديثهم (عليهم السلام): إن الأحاديث التي يرويها الثقات عن أهل البيت عليهم السلام هي حجج شرعية لا يجوز رفضها وردّها ومن يردّها فإنما يردّ عليهم (عليهم السلام) والراد عليهم رادّ على الله تعالى ومن وصايا مولانا صاحب الزمان (عجل الله تعالى فرجه) عدم التشكيك بهذه الأحاديث فضلا عن عدم الردّ، جاء في توقيعه:
"لا عذر لأحد من موالينا في التشكيك فيما يؤديه عنا ثقاتنا."
(معجم رجال الحديث- ج2 – ص356)
ثامنا- طاعة الولي الفقيه: وهي من الأمور الثابتة والمهم فيها هو الاجتماع تحت رايته حيث أرادنا أهل البيت عليهم السلام مجتمعين غير متفرقين متحابين متباذلين كأفضل ما يكون عليه الأخوان في الله تعالى، ملتزمين بأوامر الولي الفقيه. مسلّمين له ليأخذ بأيدينا في غيبة مولانا صاحب العصر عليه السلام كي لا تتفرق بنا السبل، فمن ردّ عليه ردّ عليهم (عليهم السلام) وحينئذ كيف يكون تابعا لهم؟! ومن تمردّ على من أوجبو طاعته والتسليم لأمره ونهيه كيف يرضون عنه؟! ويعتبر عامل التوحد والاجتماع على طاعة الولي الفقيه من أهم الأسباب والشروط لظهور إمام الزمان (عجل الله تعالى فرجه) كما صرّح بذلك قائلا:
"لو أن أشياعنا وفقهم الله بطاعته على اجتماع من القلوب في الوفاء بالعهد عليهم لما تأخر عنهم اليمن بلقائنا ولتعجلت لهم السعادة بمشاهدتنا على حق المعرفة."
(البحار – ج53 – ص177 )
هذه جملة من الأمور التي علينا مراعاتها والالتزام بها حين نريد اتباع أهل البيت عليهم السلام اتباعا حقيقيا يرضيهم عنّا ويجعلنا من المتمسكين بولايتهم وهناك أمور أخرى تتفرع مما ذكرناه تأتي فيما بعد إن شاء الله تعالى.
قال تعالى:
إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِوَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا
(سورة الأحزاب- 33 )
عن الإمام الصادق عليه السلام:
"إن رحم الأئمة عليهم السلام من آل محمد صلى الله عليه وآله يتعلّق بالعرش يوم القيامة وتتعلق بها أرحام المؤمنين تقول: يا رب صل من وصلنا واقطع من قطعنا ..."
( البحار – ج71 )
نسالكم الدعاء